فصل: مسألة يسدوا مصرف الوادي عن مرج الآخرين حتى يرجع إليهم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة إقطاع الرجل الرجلَ العين من واديه هبة من الهبات:

من سماع أشهب وابن نافع من مالك من كتاب الأقضية الثاني قال سحنون: قال أشهب وعبد الله بن نافع: سئل مالك عن واد كان لرجل، فأقطع رجلا عينا في الوادي، فمات القاطع والمقطع، فقام ولد المقطع، فأرادوا الرفع في العين، فأبى ابن القاطع، وليس يعرف كيف أقطعهم العين، إلا أنها في أيديهم منذ ستين سنة، فقال مالك: أقطعهم عينا لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم ثم جاءوا يخاصمونهم، فيقولون: قد أحدثنا وأنتم تنظرون، فهم يريدون أن يأخذوا الوادي كله، فليس هكذا يكون، وكذلك لو أعطى رجل رجلا بيتا، فأي بيت هو وما ذرعه؟
قال محمد بن رشد: إقطاع الرجل الرجلَ العين من واديه هبة من الهبات، تفتقر إلى ما تفتقر إليه الهبات من حيازة الشيء الموهوب في صحة الواهب، فالمعنى في هذه المسألة أنه أقطعه من واديه عينا لم يسم له موضعا، ولا حد له مقدارا، فحاز منه قدرا ما في موضع ما، وبقي في يديه ستين سنة بعد موت القاطع، ثم أراد أن يرفع العين إلى أرفع من موضعه ليستكثر فيه من ماء الوادي، فلم ير ذلك لهم؛ إذ لم يفعلوه في حياة القاطع، ولا بعد موته بحضرة الورثة منذ مدة تكون حيازة عليهم، وضعف وجوب ذلك لهم بما ذكره من أن القاطع لم يحد لما أقطعه قدرا معلوما، يقول: فهو لو حد له قدرا معلوما فلم يستوفه في حياته لم يكن له أن يأخذه بعد وفاته، فأحرى إذ لم يحد له حدا ألا يكون له أن يستزيد فيه بعد وفاته شيئا، هذا معنى هذه المسألة عندي، وقوله: لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم، ثم جاءوا يخاصمونهم فيقولون: قد أحدثنا وأنتم تنظرون، معناه لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم، فتكون لهم بذلك حجة عليهم في مخاصمتهم إياهم، وبالله التوفيق.

.مسألة حريم الآبار والعيون:

وسئل عن حريم الآبار والعيون قال: إنما الحريم في الفلوات التي ليست لأحد، فأما الرجل يحتفر في حقه البئر والعين، فذلك له إلا أن يضر ذلك بجاره ضررا بينا، فإن الرجل يعمد إلى بئر جاره أو عينه، فيحتفر إليها في حده ليستفرغ ماءها، ويصيره إلى بئره، فإذا كان ذلك ضررا بينا، فلا أرى ذلك له، وأما الحريم في الفلوات فليس له أمد معلوم، وذلك يختلف، وربما يصير ذلك إلى الإضرار، فما كان لا يضر فلا بأس به، وله أن يحتفر، وذلك يختلف، أما الأرض الخشخاش الصخور الشديدة، فإن الحفر في ذلك لا يكاد يضر صاحبه، وإن تقاربت الآبار في ذلك، وأما الأرض البطاح اللينة، فإنها إذا تقاربت انتشف بعضها مياه بعض، فأرى أن يبعد عنه بقدر ما لا يضر بمائه، وليس لذلك حد معلوم من الأذرع، إنما ينظر في ذلك إلى الإضرار بأهل تلك الآبار، قال ابن نافع: وقد بلغني في حريم البئر العادية خمسين ذراعا، والبئر البادية خمسة وعشرون ذراعا، أخبرنا به ابن أبي ذؤيب، عن ابن شهاب.
قال محمد بن رشد: الأرض الخشخاش هي الأرض الرملة التي تسمع لها جلبة عند المشي عليها، قال الخليل: الخشخشة صوت السلاح والينبوت والصخور الأرض المصخرة، فيريد أن الأرض الرملة المصخرة الشديدة بخلاف الأرض البطحاء اللينة في انجلاب الماء إليها من قرب، وهذا مثل قوله في المدونة سواء، ومن الآبار آبار تكون في أرض رخوة، وأخرى تكون في أرض صلبة أو في صفا، فإنما ذلك على قدر المضرة بالبئر، فحريم الآبار عند مالك رَحِمَهُ اللَّهُ إنما هو ما يضر بها قرب أو بعد، ولا حد في ذلك، والحد المروي فيه عن ابن شهاب لا وجه له في النظر والقياس، إلا أن يكون ذلك عن توقيف عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجب الوقوف عنده.
وقوله في هذه الرواية: إلا أن يضر ذلك بجاره ضررا بينا، هو أن يستفرغ ماء بئر جاره، وذلك خلاف لظاهر ما في المدونة إذ أطلق الضرر فيها من غير تقييد بصفة، وابن كنانة يقول: إن له أن يحفر في داره بئرا، وإن أضر ذلك ببئر جاره، وأشهب يقول: إنه إن كان يجد بدا من احتفار ذلك، وليس بمضطر إليه منع من ذلك، وإن كان مضطرا كان له أن يحفر وإن أضر بجاره، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال: له أن يحفر وإن أضر حفره ببئر جاره، وليس له أن يحفر إذا أضر حفره ببئر جاره، والفرق بين أن يستفرغ ماء بئر جاره أو لا يستفرغه، والفرق بين أن يجد مندوحة عن الحفر أو لا يجد، وبالله التوفيق.

.مسألة فيما قرب من العمران من الموات الذي يتشاح الناس فيه:

ومن كتاب الأقضية الثالث:
وسئل مالك فقيل له: إن عاملنا أقطعنا أرضا أربعمائة ذراع من حد كذا إلى حد كذا، فغبت عنها، فوثب عليها رجل فعمرها وبنى فيها، ثم قدمت فأردت أخذها فقال: لا أراك حزت ما قطع لك بعمارة ولا بناء حتى جاء غيرك فعمر وبنى، يقطع أحدهم فيذهب ويدعها، ولا يعمرها حتى يريد منعها بذلك شأن قطيعة هذا ضعيفة لم يحزها بعمارة ولا بناء حتى عمرها غيرك، فقال: إنما عمرها وأنا غائب، فقال له: كم غبت؟ فقال: ثلاثة أشهر، فقال له: فما كان هنالك أحد يعلمه أنك أقطعتها؟ فقال: لا أدري، فقال: وما عمارة هذا لها مؤنة؟ فقال: إي؛ لعمري إن لها لمؤنة، بنى فيها حوانيت، فقال له: ما أرى قطيعتك إلا ضعيفة، لم تحزها حتى عمرها غيرك، وأريت من أقطعك إياها؟ فقال: والينا، فقال: وأريت واليكم أمر أن يقطع أحدا؟ ما أرى أمرك إلا ضعيفا، وارفع أمرك إلى السلطان.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن العامل أقطعه الأربعمائة ذراع من الأرض الموات فيما قرب من العمران، بدليل قوله بنى فيها حوانيت؛ إذ لا تبنى الحوانيت في الفيافي والقفار، وقد اختلف فيما قرب من العمران من الموات الذي يتشاح الناس فيه، فقيل: ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من الإمام، فإن فعل نظر الإمام في ذلك، فإن رأى أن يقره له أقره، وإن رأى أن يقره للمسلمين ويعطيه قيمة بنيانه منقوضا أو يأمره بنقضه فعل، وإن رأى أن يقطعه غيره أقطعه، ويكون للأول قيمة بنيانه منقوضا، وهو قول مطرف وابن الماجشون، وهو معنى ما في المدونة إذا قال فيها: إن ما قرب من العمران وما يتشاح الناس فيه، ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من الإمام، وقيل: إنه إن فعل أمضى ذلك الإمام مراعاة للخلاف، وهو قول أشهب، فعلى هذا القول تأتي روايته هذه عن مالك في هذه المسألة؛ لأن معنى ما ذهب إليه فيها أن المقطع لما غاب عنها وتركها هذه المدة؛ دل ذلك من فعله على أنه قد سلمها وترك حقه فيها، فوجب أن تكون للذي عمرها وأحياها ببناء الحوانيت فيها، وإن لم يستأذن الإمام في ذلك على قياس قول أشهب، مراعاة للاختلاف في ذلك؛ إذ قد قيل: إنه ليس على أحد أن يستأذن الإمام في إحياء موات قريب من العمران، ولا ما بعد منه مع ضعف هذا الإقطاع؛ إذ ليس للعامل أن يقطع شيئا من الموات إلا بإذن الإمام، وهذا إذا لم يعلم الثاني بإقطاعها للأول، ولو علم بذلك؛ لكان متعديا، ولم يكن له إلا قيمة بنيانه منقوضا، وإن كانت عمارته إياها قبل أن يحوزها الأول بعمارة، أو بنيان بعض؛ لأن للإقطاع حكما من الأحكام لا يفتقر إلى حيازة على ما يأتي في رسم شراء الدور والمزارع من سماع يحيى من هذا الكتاب، فليس قوله في هذه المسألة، لا أراك حزت ما قطع لك بعمارة ولا بناء حتى جاء غيرك، فعمر وبنى بخلاف لما في سماع يحيى على ما ظنه أهل النظر، فالعلة في سقوط حق الأول فيما أقطع عمارة الثاني له بعد تركه إياها، ومغيبه عنه لما يظهر في ذلك من الرضا بتسليم حقه فيه لا ترك حيازته إياه بالعمارة كما ظن بعض أهل النظر، ولو كان الإقطاع يفتقر إلى حيازة، لوجب أن يراعى في ذلك موت المقطع، وذلك ما لا يصح بوجه من الوجوه؛ إذ لم يقطع ماله فيحتاج إلى أن يحاز عنه في حياته وصحته، وفي قوله: وارفع ذلك إلى السلطان، مع أنه قد رأى أمره ضعيفا دليل على القول بتصويب المجتهدين؛ لأن المعنى في قوله: وارفع ذلك إلى السلطان، فعساه سيرى أمرك قريبا فيقضي لك به بخلاف ما أراه، فلولا أنه يراه إن فعل ذلك باجتهاده مصيبا، وإن كان خلاف ما يراه هو باجتهاده، لما ساغ له أن يأمره بالرفع إليه؛ لئلا يخطئ فيقضي له بخلاف الحق عنده، وهذا نحو قوله في الأقضية من المدونة في الذي يرى خطه في ذكر حق، ولا يذكر الشهادة أنه يؤديها، وإن كانت لا تنفع عنده، وبالله التوفيق.

.مسألة الماء الذي ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض:

وسئل عن قول الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 18] أهو الخريف فيما بلغك؟ فقال: لا والله، بل هذا في الخريف والشتاء في كل شيء ينزل الله من السماء ماء إذا شاء، ثم هو على ذهاب به لقادر.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن ذلك في كل زمن من الأزمان، لا يخص ذلك بالخريف دون غيره؛ لأنه ظاهر من عموم اللفظ، وموجود بالمعنى؛ لأن الماء الذي ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض، فمنه ماء العيون والأنهار والآبار، ولو شاء الله لأذهبه فهلك الناس جهدا وعطشا وجوعا؛ إذ لا نبات ولا حياة إلا بالماء، قال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] ولا وجه لمن خصص ذلك بالخريف دون غيره من الأزمان، ولعل الذي قال ذلك تأول أن الماء الذي ينزل بالخريف جل المنفعة به إسكانه في الأرض للشرب والسقي عند الحاجة إليه؛ إذ لا يحتاج أكثر الأرض في ذلك الوقت إلى سقي؛ إذ ليس بوقت سقي زرع، وليس ذلك بصحيح، بل ما ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض لمنافع الناس، فجميع مياه الأرض من السماء، ويروى أن في الأرض أربعة أنهار من الجنة، وهي: النيل، والفرات، وسيحان، وجيحان، والجنة في السماء، وقد قيل: إن الماء الذي أخبر الله أنه أنزله من السماء فأسكنه في الأرض، هو ماء الأربعة الأنهار التي ورد الخبر فيها أنها من الجنة، وأن المطر النازل في الأرض إنما هو من البحر؛ بدليل قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة» وبدليل قول أبي ذؤيب الهذلي:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ** متى لجج خضر لهن نئيج

وقد قال بعض أهل التأويل في قول الله عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] إن طعامه كل ما نبت من الحبوب والثمار؛ لأنه إنما ينبت بما سقاه من ماء البحر، وهو من التأويل البعيد، والصحيح أنه ما حسر عنه ماء البحر من صيده فمات على الأرض؛ لأن ذلك مروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رواية ابن عباس، وقيل: طعامه ما ملح من صيده، وقال ابن عبد البر: القول بأن ما ينزل من المطر هو ماء السماء من غير البحر، هو قول أهل العلم والدين، والذي أقول به: إن تصحيح شيء من هذا، والقطع عليه من التخرص في علم الغيوب؛ إذ ليس في ذلك في القرآن، ولا في شيء من السنن والآثار نص جلي يوقف عنده، والذي نشاهده ونعلمه بالمعاينة نزول الماء من السحاب، ولا ندري هل تسوقه من بحور الأرض أو من بحور السماء، أو هل يخلقه الله عز وجل في السحاب عند نزوله، وكيفما كان فالقدرة فيه عظيمة، والاعتبار به واجب، والشكر لله تعالى على إنعامه به على خلقه لازم، واختلف في قوله في هذه الآية: {بِقَدَرٍ} [الحجر: 21]، فروي عن ابن عباس أنه قال: ما عام بأكثر مطرا من عام، ولكن الله تعالى يصرفه حيث يشاء وقرأ: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا} [الفرقان: 50]، وقيل: معناه مفترقا نثرا، وليس بمجتمع صبا، وهو أظهر، والله أعلم.

.مسألة بينهم بئر يسقون عليها فاقتسموها على مناضح خمسة:

وسئل عن قوم كانت بينهم بئر يسقون عليها، فاقتسموها على مناضح خمسة هكذا، وكل واحد منهم يسقي من منضحته، ثم إن بعضهم انقطع من ناحية منضحته الماء، وارتفع تلقاءه التراب، فلا يقدر على أن يسقي شيئا، يرسل الدلو فيخرج ولا ماء فيه، ومنهم من يسقي على حاله، أفيسقي معهم من مناضحهم، أم يكفوا حتى يسقوا جميعا؟ فإنه قد دعا هو إلى ذلك فأبوا عليه، وقالوا له: اضرب لنفسك، فقال مالك: إني لا أرى لمثل هذا فيه سنة بينهم جارية، فقيل له: قد اختلف في ذلك، فقال: أرى أصوب ذلك أن يقضى عليهم أن يضربوا في البئر حتى يسقوا جميعا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه إن لم يكن لهم سنة جارية بينهم من عرف قد عرفوه، واستمر العمل عليه عندهم؛ وجب عليهم جميعا أن ينقوا معه موضع منضحته، حتى يسقي كما يسقون؛ لأن التراب إنما ارتفع تلقاء منضحته من نضحهم جميعا، فعليهم كنس ما أثره نضحهم من ارتفاع التراب تلفا منضحة أحدهم، وبالله التوفيق.

.مسألة معدن كان بين رجلين فعطلاه ثم جاء أحدهم إلى والي المعدن فسأله أن يقطعه:

ومن كتاب الأقضية الأول:
وسئل عن معدن كان بين رجلين فعطلاه وتركاه أربعة أشهر، ثم جاء أحدهم إلى والي المعدن، فسأله أن يقطعه فأقطعه إياه، وأن لأهل المعادن قبلنا سنة، فقال مالك: كتبت تسأل عن كذا وكذا، ولست أدري ما سنة أهل المعادن التي ذكرت، فإن جاء أحدهما الإمام بعد تركهما إياه، فسأله أن يقطعه إياه فأقطعه، فإني أرى إن كان شريكه الذي كان معه فيه أولا مقيما بالبلد فأقطعه شريكه، فتركه يعمل، وينظر إن أجابه المعدن، وأدرك فيه نيلا جاءه، وقال: أنا معك فيه كنت لك شريكا، وإن لم يجب وأكدى، فلست منه في شيء، فلا أرى ذلك له، وإن كان جاءه حين أقطعه بحداثة ذلك قبل أن يعمل فيه، أو بعد ما عمل بيسير، فأرى أن يدخل معه، وإن كان غائبا حين أقطع صاحبه، فأرى المعدن للذي أقطعه، ولا أرى للغائب فيه شيئا، كيف يكون له فيه شيء إذا أقطعه شريكه، وهو لو أقطعه غير شريكه لم يكن له فيه شيء، كتب به إلى صاحب المعدن.
قال محمد بن رشد: قوله: وسئل عن معدن كان بين رجلين معناه أنه كان بينهما بقطيعة من الإمام لهما، وإقطاع الإمام المعادن ليس على تمليك الأصل: وإنما هو على وجه الانتفاع بالنيل، فللإمام إذا ترك المقطع المعدن الذي أقطع إياه أو غاب عنه أن يقطعه غيره، وله إذا طال عمله به، وانتفاعه به، أن يقطعه سواه، وإن لم يتركه إلا أن يقطعه إياه حياته، أو إلى أجل، فليس له أن يقطعه لغيره حتى يموت، أو حتى يحل الأجل، ولم يبين في هذه الرواية إن كان قد طال عملهما في المعدن، وانتفاعهما به قبل أن يعطلاه، ويتركا طولا لو شاء الإمام أن يخرجهما منه جميعا ويقطعه سواهما، كان ذلك له أم لا، فقوله: إذا أقطعه أحدهما وشريكه حاضر، فجاء بحدثان ذلك أن له الدخول معه؛ معناه عندي بعد يمينه أنه ما ترك حقه فيه إن كان لم يطل عملهما فيه، وانتفاعهما به؛ لأنه إذا لم يطل عملهما فيه، وانتفاعهما به، فليس للإمام أن يخرجهما منه، ولا أحدهما إلا برضاه، ولو كان قد طال عملهما فيه، وانتفاعهما به؛ لما كان له الدخول معه، وإن جاء بحدثان ذلك؛ إذ للإمام أن يخرجه منه، ويقطعه لغيره شاء أو أبى، وإنما يكون للإمام إذا غاب الذي أقطعه المعدن أن يقطعه لغيره في الغيبة البعيدة، وأما إذا سافر كما يسافر الناس فلا، هذا الذي ينبغي أن تتأول الروايات عليه، واختلف إذا مات على ما مضى تحصيل القول فيه في سماع يحيى من كتاب الزكاة.

.مسألة لا تباع مياه المواشي:

قال: ولا تباع مياه المواشي، وقال: وإنما يشرب بها، ويشرب بها أبناء السبيل، ولا يمنع من أحد، قيل: فهل يصلح فيها عطاء؟ قال: لا.
قال الإمام القاضي: مياه المواشي هي الآبار أو المواجل، أو الجباب التي يحفرها الرجل ويصنعها في البراري، أو في المهامه لماشيته؛ فيكون أحق بما يحتاج إليه لماشيته، ويخلى بين الناس وبين الفضل؛ لقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ» فقوله في هذه الرواية: إنما يشرب بها أهلها؛ يريد أهلها، وليشرب أبناء السبيل، ولا يمنع أحد؛ ليس على ظاهره في تساوي حق أهل الماء وغيرهم فيه، وإنما يريد أنه يشرب بها أهلها، ثم يشرب بها أبناء السبيل، فالواو هاهنا على الترتيب لا على التشريك.
وقوله: ولا يمنع من أحد؛ يريد لا يمنع الفضل من أحد، فإن تشاح أهل البئر في التبدئة بدئ الأقرب فالأقرب إلى حافرها، قلت ماشيته أو كثرت، وإن استووا في القرب منه استهموا، فإن اجتمعوا والمارة والماء يقوم بهم كلهم بدئ أنفس أهل الماء، ثم أنفس المارة، ثم دواب أهل الماء، ثم دواب المارة، ثم مواشي أهل الماء، ثم مواشي الناس، وبدأ أشهب دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء، وإن لم يقم بهم كلهم وتبدئة أحدهم تجهد الآخرين بدئ من كان الجهد عليه أكثر بتبدئة صاحبه، فإن استووا في الجهد فقيل: إنهم يتواسون في ذلك، وقيل: يبدأ أهل الماء لأنفسهم ودوابهم، وأما إن لم يقم بهم كلهم، وخيف على البعض بتبدئة البعض، فيأخذ أهل الماء لأنفسهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ المسافرون لأنفسهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ أهل الماء لدوابهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضلٌ أخذ المسافرون لدوابهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، ولا اختلاف في هذا الوجه، والبئر والجب والماجل سواء عند مالك.
وذهب المغيرة إلى أن لصاحب الماشية أن يمنع فضلة مائه، ووجه قوله أنه صدقه في أنه احتفر لنفسه لا للصدقة من أجل أنه ليس بمعين بخلاف البئر، ولم يصدقه مالك فيه كما لم يصدقه في البئر، ولو أشهد عند حفره للبئر أنه إنما يحفرها لنفسه لا على وجه الصدقة؛ لكان له أن يمنع فضلة مائها، فالرجل فيما بينه وبين الله في فضلة ماء البئر التي احتفرها في المهامه لماشيته على ما نواه في حفرها، إن كان أراد به الصدقة، لم يجز له أن يمنعه وأن يبيعه، وعلى هذا يحمل قوله في المجموعة لا يجوز بيع ذلك، وإن كان احتفرها لنفسه، كان له أن يمنعه وأن يبيعه، وعلى هذا يحمل قوله في المدونة أكره بيع ماء بئر الماشية، وقوله في هذه الرواية: لاتباع مياه المواشي؛ معناه لا يباح لأربابها بيعها، ولا يصدقون في أنهم احتفروها لأنفسهم، فعلى هذا التأويل تتفق الروايات، وهو أولى من حملها على التعارض، والله الموفق.

.مسألة لا يمنع نقع بئر ولا يمنع رهو ماء:

من سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم من كتاب العرية قال عيسى: وسألته عن رجل له ماء يسقي به، وفي الماء فضل يجري على قوم تحته في أرضهم فغرس الذي تحته على ذلك الماء غروسا، ثم بدا لهذا الذي له أصل الماء أن يحفر له بركا يحبسه فيها عنهم، قال: ليس له ذلك أن يحبسه عنهم.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، ليس له أن يحبسه عنهم لوجوه ثلاثة؛ أحدها: قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يمنع نقع بئر، ولا يمنع رهو ماء»؛ لأن من أهل العلم من حمله على عمومه في جميع المياه كلها كانت متملكة، أو غير متملكة، فلم يجيزوا لأحد أن يبيع فضلة مائه، ولا أن يمنعه بحال، وهو قول يحيى بن يحيى في رسم أول عبد ابتاعه، من سماع يحيى بعد هذا، ومنهم من تأوله في الماء يكون بين الشريكين يسقي هذا يوما وهذا يوما، فيروي أحدهما زرعه أو نخله في بعض يومه، فليس له أن يحبس الماء عن صاحبه بقية يومه، وهو معنى هذه المسألة، فهو في حبسه عنهم على هذا الوجه داخل تحت النهي على كلا التأويلين. والثاني قول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لا ضرر ولا ضرار»؛ لأن من الضرر البين أن يمنعه ما لا حاجة له به فيضر به فيما لا منفعة له فيه، وقد قيل: إن هذا هو الضرر؛ إذ قد اختلف في الضرر والضرار، فقيل: إنهما اسمان لشيء واحد، وهو أن يضر الرجل بأخيه على وجه من الوجوه، وإن كان بعضه أشد من بعض، وقيل: إن الضرر هو أن يضر بأخيه فيما له فيه منفعة، والضرار أن يضر به فيما لا منفعة له فيه، أو فيما عليه فيه مضرة، وقيل: إن الضرار إنما هو أن يضر بأخيه فيما عليه فيه مضرة، فيكون قد أضر بنفسه وبغيره، والضرر ما عدا ذلك بأن يضر به فيما له فيه منفعة، أو فيما لا منفعة له فيه.
والثالث: أنه لما تركه يغرس على فضل مائه، فقد تعين له بذلك حق فيه، فليس له إذا استغنى عنه أن يحبسه عنه، ولا أن يبيعه إلى أن يحفر بئرا أو يستنبط عينا على ما يأتي بعد هذا في رسم البراءة، ويجري هذا على الاختلاف في السكوت هل هو كالإذن أم لا، وأما إن غرس على فضل مائه دون علمه، فله أن يبيعه إن وجد له ثمنا، ويكون هو أولى بالثمن الذي يبيعه به على ما قاله عيسى بن دينار بعد هذا في رسم البراءة، إلا على قول من لم يجز بيع الماء على حال، وليس له أن يحبسه عنه إذا لم يحتج إليه، ولا وجد له ثمنا لنهي النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ عن الضرر والضرار، وعن منع نقع البئر، ورهو الماء، وبالله التوفيق.

.مسألة الماء يكون بين الرجلين يعمل أحدهما ويأبى الآخر:

وسئل عن الماء يكون بين الرجلين يعمل أحدهما، ويأبى الآخر، فلما عمل نصف العمل أتاه الذي أبى أن يعمل فقال: أنا أعمل الساعة معك، فإن خرج الماء أعطيتك نصف ما أنفقت، وإلا فلا شيء لك، قال: ليس ذلك له، ولا يعمل معه حتى يعطيه نصف ما عمل، ويستقبل العمل معه فيما بقي خرج الماء أو لم يخرج.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه إنما كان مخيرا من أول بين أن يعمل معه أو يتركه يعمل، فيكون أحق بالماء إن كان انقطع جميعه أو بما زاد بعمله، إن كان لم ينقطع جميعه حتى يأتيه بنصف ما أنفق، فإذا أبى أن يعمل معه حتى عمل بعض العمل، فليس له أن يعود إلى العمل معه حتى يعطيه نصف ما عمل، ألا ترى أنه لو قال له من أول: اعمل نصف العمل وحدك، وأنا أعمل معك النصف الباقي، فإن خرج الماء أعطيتك نصف ما عملت وحدك، وإلا لم يكن لك علي شيء لم يكن ذلك له إلا برضاه، فكذلك إذا أراد أن يعمل معه بعد أن عمل وحده نصف العمل لم يكن ذلك له، إلا أن يعطيه نصف ما عمل، وهذا بين إن شاء الله عز وجل، وبه التوفيق.

.مسألة تفقعت الأرض في جنانه عن عرق من أصل الشجرة في جنان آخر:

ومن كتاب الثمرة:
وسئل ابن القاسم عن الرجل تفقعت الأرض في جنانه عن عرق من أصل الشجرة في جنان آخر، لمن يكون ذلك العرق؟ قال ابن القاسم: إن كان فيه لصاحب الشجرة منفعة إن قلعه، غرسه في مكان آخر، فذلك له أن يفعله، وإن كان ليس له فيه منفعة، ولا عليه فيه مضرة، فهو لصاحب الأرض، إلا أن يكون قد بلغ، فهو إن قلع كان له ثمن لخشبه أو حطب، فإنه إن كان كذلك كان له على صاحب الأرض ثمنه مقلوعا، قال عيسى: إلا أن يكون إقراره بحاله مضرا بأصل الشجرة التي هو منها، فلا يكون ذلك له إلا برضا من صاحب الشجرة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، وقول عيسى تفسير لقول ابن القاسم وتتميم له، قال ابن القاسم في المجموعة إلا أن يشاء الذي ظهرت في أرضه أن يقطع عروقها المتصلة بشجر الأول حتى لا يضر بها، ويعطيه قيمتها مقلوعة فذلك له، وهو أيضا تفسير لقول عيسى بن دينار وتتميم له، فالمسألة كلها بينة صحيحة ليس فيها اختلاف ولا كلام، ومن حقه أن يقطع عروقها المتصلة بها، وإن أضر ذلك بالشجرة التي هي منها؛ لأن له أن يقطع ما دخل في أرضه من عروق شجر غيره كما له أن يقطع ما دخل في هواه من أغصان شجر غيره.

.مسألة المعاملة في الرحى الخربة أو في موضعها من الأرض بجزء منها:

ومن كتاب أوله رجل شهد على شهادة ميت:
وعن رحى بين ورثة قد خربت، فيقول الورثة لرجل منهم: اعملها مناصفة، فإذا طحنت فلك النصف ولنا النصف، فعملها حتى طحنت، هل يحل له النصف؟ أو يكون له قيمة ما عمل؟ قال ابن القاسم: إن كانوا إنما يريدون نصف الغلة فلا يحل، وهو حرام، وإن كان إنما يريدون أن للعامل نصف الأرض ونصف الرحى فلا بأس به إذا كان عمل الرحى محدودا معلوما.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف أحفظه في أن المعاملة في الرحى الخربة أو في موضعها من الأرض بجزء منها جائز إذا كان العمل محدودا معروفا كالمغارسة في الأرض بجزء منها قياسا على ما جوَّزته السنة من المساقاة، وليست بإجارة منفردة ولا بجُعْل منفرد، وإنما هي سنةٌ على حيالها، وأصلٌ في نفسها أخذت بشبهة من الإجارة والجعل فهي تشبه الإجارة في لزومها بالعمد، وتشبه الجعل في أن العامل لا يجب له شيء حتى تطحن الرحى، فإن تلف البنيان قبل ذلك بهدم أو غيره حتى لم يبق منه شيء كانت مصيبته منه، ولم يكن من حقه أن يعيده ثانية، ولا لرب الأصل أن يلزمه ذلك، وإن كان بقي منه شيء كان من حقه أن يعيده ثانية، ولم يكن لرب الأرض أن يلزمه ذلك إن أباه، ولا اختلاف أيضا أحفظه في أن المعاملة على بناء الرحى الخربة بجزء من الغلة دون الأصل لا تجوز ولا تحل؛ لأنه غرر؛ إذ قد «نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الغرر» فإن وقع ذلك وأدرك قبل العمل فسخ، وإن لم يعثر على ذلك إلا بعد العمل كان للعامل أجرة مثله فيما عمل، وكان عليه رد ما اغتل، وبالله التوفيق.

.مسألة يسدوا مصرف الوادي عن مرج الآخرين حتى يرجع إليهم:

ومن كتاب النسمة:
وسئل ابن وهب عن القوم يكون لهم مرج يزرعون فيه، وللمرج وادٍ فإذا كانت السيول سقاء مرجهم وإن ذلك الوادي انصرف عن مرجهم إلى مرج غيرهم فهل يحل لهم أن يسدوا مصرف الوادي عن مرج الآخرين حتى يرجع إليهم؟ قال: إن كان الماء دخل أرضهم قبل أن ينصرف فهم أولى به حتى يسقوا به ما عندهم ثم يسرحوا الفضل إلى إخوانهم حتى يسقوا ما عندهم، وإن كان الماء إنما انصرف عنهم قبل أن يدخل شيئا من أرضهم فلا أرى لهم أن يقطعوه عن إخوانهم إلا أن يكون فيه سعة لهم جميعا؛ لأن الماء غيث يسوقه الله إلى من يشاء، وقد قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا} [الفرقان: 50] يريد المطر، فإذا صرفه الله إلى قوم فلا ينبغي لأحد أن يقطعه دونهم إلا أن يكون ذلك الماء وقع في أرضهم فهم أولى به حتى يسقوا ما عندهم، فأما أن ينقلوه من مكان بعيد فيصرفوه إليهم دون من هو أقرب إليه منهم فلا، قال ابن القاسم مثله.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة، والأصل فيها قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سيل مهزور ومذينب: «يمسك الأعلى إلى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل»؛ لأنهما واديان من أودية المدينة يسيلان بالمطر، فقوله في هذه الرواية فهم أولى به حتى يسقوا ما عندهم يريد والحد في ذلك أن يبلغ الماء في مرجهم إلى الكعبين على ما جاء في الحديث، وقد اختلف إذا بلغ الماء إلى الكعبين هل يرسله كله إلى من تحته أو لا يرسل إليه منه إلا ما زاد على الكعبين؟ فقال ابن القاسم: يرسل جميعه، وقال مطرف وابن الماجشون: لا يرسل منه إلا ما زاد على الكعبين، وهو الأظهر، وروى علي بن زياد عن مالك أن معنى الحديث أن يُجري الأول الذي هو أقرب إلى الماء من الماء في ساقيته إلى حائطه بقدر ما يكون الماء في الساقية إلى حد الكعبين حتى يروى حائطه، ثم يفعل الذي يليه كذلك ما بقي من الماء شيء، قال: وهذه السنة فيهما وفيما يشبههما مما لا حق فيه لأحد بعينه أن الأول أحق بالتبدئة، ثم الذي يليه إلى آخرهما رجلا، ويحتمل عندي أن يكون معنى رواية علي بن زياد هذه إذا كان ماء الوادي كثيرا فوق قدر ما يتأتى السقي به، فيأخذ منه الأول المقدار الذي وصفه فيسقي به حائطه ما احتاج إلى السقي به، ثم الذي بعده من بقية ماء الوادي كذلك، ثم الذي بعده من بقية ماء الوادي كذلك، أيضا إلى أن يتم الماء، وأن يكون معنى رواية من سواه إذا لم يكن في ماء الوادي فضل عما يسقي به واحد بعد واحد فلا تكون رواية علي بن زياد عن مالك على هذا التأويل مخالفة لما تقدم، والله أعلم.
والأظهر أنه اختلاف من القول في صفة قسم الماء بين الأعلى ومن تحته إذا كان الماء كثيرا، فعلى المشهور يرسل الأعلى جميع الماء في حائطه حتى ينتهي فيه إلى الكعبين، ثم يرسله إلى من تحته فيمسكه أيضا في حائطه حتى ينتهي إلى الكعبين، ثم يرسله إلى من تحته هكذا أبدا ما لم يحتج الأول الأعلى إلى إعادة السقي ثانية فيكون أحق به، ثم الذي تحته، ثم الذي تحته كالسقية الأولى، ما لم يحتج الأول الأعلى أيضا إلى إعادة السقي ثالثة فيكون أحق به، ثم الذي تحته ثم الذي تحته كالسقية الثانية ما لم يحتج الأول الأعلى إلى إعادة السقي رابعة فلا يكون في الماء حق لمن لم ينته إليه حتى احتاج الأول الأعلى إلى إعادة السقي، وعلى رواية علي بن زياد عن مالك لا يأخذ الأعلى الماء كله لحائطه حتى يبلغ إلى الكعبين، وإنما يأخذ من الماء في ساقيته إلى حائطه حتى يبلغ إلى الكعبين، وإنما يأخذ من الماء في ساقيته إلى حائطه بقدر ما يكون فيها إلى الكعبين، ثم الذي تحته كذلك، ثم الذي تحته كذلك، حتى يتم الماء، وأما إن لم يكن في الماء كله إلا قدر ما يتأتى به السقي لواحد فلا حق للأسفل إلا فيما يفضل عن الأعلى، وبالله التوفيق.